الكثير من مسميات أدوية المخدرات يرتكز على أصل لهذه التسمية تماماً كما هو الحال فى كثير من أسماء الأشخاص، وانه من المفيد جداً أن يدرك الشخص أصل تسمية الأشياء وخصوصاً تلك التي ضمن مهنته أو اختصاصه، فقد يسمى الدواء مثلاً بناء على مناسبة حدثت فى ذلك الوقت أو نسبة الى مصدره أو نسبة إلى الشخص الذي اكتشفه ، أو أن يشتق اسم الدواء من معتقدات اجتماعية وغيرها ، والأمثلة التالية توضح هذا المعنى.
الأفيون (opium)
الأفيون (opium) مشتقة من اللغة الإغريقية القديمة (opion) ومعناها العصير ويستخرج الأفيون من نبات الخشخاش (Papaver somniferum) غير الناضجة المعروف فى بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس ومصر وآسيا الوسطى ثم أنتشر فيما بعد إلى الهند والصين، ولم يعرف فى بلاد الغرب إلا فى القرن الخامس عشر وذلك فى إنجلترا نظراً لعلاقتها مع الهند، والأصل فى أسم النبات أنه مشتق من الكلمات الإغريقية القديمة، فكلمة (papaver) تعني (poppy) وهي محافظ الخشخاش، وكلمة (somniferum) تعني جلب النوم.
المورفين (Morphine)
تمكن الصيدلاني الألماني سيرتيرنر (Serturner) عام 1803م من عزل المادة الفعالة فى خام الأفيون وهو المورفين المسؤول عن معظم الآثار الفسيولوجية والنفسية المترتبة على إستخدام الأفيون بأي صورة من الصور. وكلمة مورفين جاءت نسبة إلى إله الأحلام عند الإغريق والذي يعرف بأسم (مورفيس) (Morpheus). وتبلغ فاعلية المورفين عشرة أضعاف فاعلية الأفيون، وكان إستخدام المورفين شائعاً ومباحاً قبل أن يتم التعرف على خصائصه الادمانية، و فى أواسط القرن التاسع عشر بدأ بأستعمال المورفين كحقن تحت الجلد، ثم أستخدم عن طريق الحقن فى الوريد مباشرة لتخفيف حدة الآلام وخصوصا فى الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب الأهلية التي بدأت سنة 1861م – أواخر 1864م، لمواجهة أحتياجات العمليات الجراحية أثناء الحرب، ولعلاج الدوسنتاريا (الزحار) وحالات الإسهال الشديدة. ويمثل عام 1853م نقطة تحول هامة فى تاريخ إستخدام المورفين عندما إستحدث العالم إلكسندر وود (Alexander Wood) فى نفس العام ،و طريقة الحقن تحت الجلد أدى ذلك إلى زيادة فى تأثير المورفين، وكانت زوجة هذا العالم هي أولى ضحايا حقن المورفين تحت الجلد، فقد توفيت بسبب أخذها جرعة عالية من المورفين.
الهيروين (Heroine)
كلمة هيروين مشتقة من كلمة لاتينية تعني البطولة، بإعتبار أن تحضيره كان أمراً بطولياً لأن الأطباء عندما عرفوا أن المورفين يسبب الإدمان، لذلك جدّ بعضهم لإكتشاف مشتق جديد للمورفين فكان الهيروين، والهيروين مادة شبه مصنعة (semisynynthetic) من المورفين، تم الحصول عليها فى لندن عام 1874م على يد العالم (رايت) (C.B. Wright)، عن طريق غلي المورفين مع حمض الأستيل- الخل – (Acetic acid) لعدة ساعات. وقد عرف بثنائي أستيل المورفين (diacetylmorphine) الى أن أطلقت عليه الشركة الدوائية المشهورة (باير) (Bayer) سنة 1898م.
اشتهر الهيروين كمركب جديد يفيد المدمنين على المورفين وكبديل له فى معالجة السعال وغيرها مما أدى إلى تسميته بدواء الرب (God’sown medicine).
الفعل الدوائي للهيروين هو نفس عمل المورفين ذلك أن الهيروين يتحول فى جسم الإنسان إلى مورفين خلال دقائق معدودة. وللهيروين فاعلية سريعة لتخفيف الألم والنتائج هي نشوة ومرح فى المزاج وشعور بالسلام والإرتياح والطمأنينة لأن الدواء يزيل عناء البيئة داخلياً وخارجياً على السواء. ويعتبر هذا من أهم الأسباب التي تجعل الإدمان على الهيروين أقوى منه على أية أدوية أخرى غير مشروعة،
والهيروين أقوى من المورفين فى تسكين الألم بثلاثة أضعاف وأقوى من الأفيون بثلاثين مرة ،وهو يستخدم فى معالجة إزالة الألم وكمهدئ وموقف للسعال ومقاوم للإسهال، كما أنه يستخدم فى معالجة مرضى السرطان إلا أنه لم يعد للهيروين أى استخدام طبي نظراً لسرعة الإدمان عليه. ومن أسمائه المتداولة بين المدمنين نذكر منها : حجارة هونج كونج، الهيروين الصيني، لؤلؤة التنين الأبيض، واحة الأحلام، وغيرها.
الحشيش (القنب الهندي)
القنب كلمة لاتينية معناها ضوضاء وقد سمي الحشيش بهذا الإسم لأن متعاطيه يحدث ضوضاء بعد وصول المادة المخدرة إلى ذروة مفعولها. ومن المادة الفعالة فى نبات القنب هذا يصنع الحشيش، ومعناه فى اللغة العربية “العشب” أو النبات البري.
ويرى بعض الباحثين أن كلمة حشيش مشتقة من الكلمة العبرية “شيش” التي تعني الفرح، انطلاقاً مما يشعر به المتعاطي من نشوة وفرح عند تعاطيه الحشيش.
عرفت الشعوب القديمة الحشيش وصنعوا من أليافه أمتن الحبال والأقمشة وإستخدموا بذوره (القنبز) غذاء للطيور، وأسماه الصينيون واهب السعادة، وأطلق عليه الهندوس إسم مخفف الأحزان، و فى القرن السابع قبل الميلاد إستعمله الآشوريون فى حفلاتهم الدينية وسموه نبتة “كونوبو”، وإشتق العالم النباتي ليناوس سنة 1753م من هذه التسمية كلمة “كنابيس” Cannabis. وكان الكهنة الهنود يعتبرون الكنابيس (القنب – الحشيش) من أصل إلهي لما له من تأثير كبير وإستخدموه فى طقوسهم وحفلاتهم الدينية، وورد ذكره فى أساطيرهم القديمة ووصفوه بأنه أحب شراب إلى الإله “أندرا”، ولا يزال يستخدم هذا النبات فى معابد الهندوس والسيخ فى الهند ونيبال ومعابد أتباع شيتا فى الأعياد المقدسة حتى الآن.
وقد عرف العالم الإسلامي الحشيش فى القرن الحادي عشر الميلادي، حيث إستعمله قائد القرامطة فى آسيا الوسطى حسن بن صباح، وكان يقدمه مكافأة لأفراد مجموعته البارزين، وقد عرف منذ ذلك الوقت بإسم الحشيش، وعرفت هذه الفرقة بالحشاشين.
أما أوروبا فعرفت الحشيش فى القرن السابع عشر عن طريق حركة الأستشراق التي ركزت فى كتاباتها على الهند وفارس والعالم العربي، ونقل نابليون بونابرت وجنوده بعد فشل حملتهم على مصر فى القرن التاسع عشر هذا المخدر إلى أوروبا. وكانت معرفة الولايات المتحدة الأميركية به فى بدايات القرن العشرين، حيث نقله إليها العمال المكسيكيون الذين وفدوا إلى العمل داخل الولايات المتحدة.
كحول
الخمرة – فى اللغة العربية – هي كل مسكر مخامر للعقل مغط عليه وخمر الشيء بمعنى ستره. وهناك لفظ الغول الذي يطلق على الخمرة وسبب هذه التسمية هو أن الكحول يغتال العقل، ويطلق عليه الكحول (alcohol) فى اللغة الإنجليزية. ويقصد بالكحول الكحول الايثيلي أو الايثانول (ethyl alcohol, ethanol)، وينتج من تخمر المواد السكرية والنشوية،
وقد عرفت المشروبات الكحولية منذ فجر التاريخ عندما شرب الإنسان نقيع الفواكه والأوراق النباتية فى المياه الراكدة، وعندما أدخل الكيميائين العرب عملية التقطير إلى أوروبا فى العصور الوسطى، ظن العاملون بالكيمياء هناك أن الكحول هو إكسير الحياة الذي يفتشون عنه.
إن التنوع فى تصنيع المشروبات الكحولية المختلفة يمكن الحصول عليه بإستعمال مصادر سكرية مختلفة للتخمير، بقصد الحصول على العنصر الأساسي والفعال فيها وهو الإيثانول الناتج من تخمبر السكر مع حويصلات الخميرة أو البكتيريا فمثلاً تصنع البيرة من حبوب الشعير والنبيذ يخمّر من العنب أو التوت، والويسكي يصنع من الحبوب مثل الذرة وغيرها، ولكن الخميرة أو البكتيريا التي تحول السكر إلى كحول لا تستطيع إنتاج كميات كبيرة لأنها تموت كلما زاد تركيز الكحول عن نسبة محددة، بمعنى أن هناك سقفاً بيولوجياً لإنتاج الكحول عن طريق مثل هذه الكائنات الدقيقة ، فمثلا تركيز الكحول فى البيرة (5) %، و فى النبيذ (12 %). إلا أن التطور فى تقنيات التقطير أدت إلى إمكانية الحصول على تراكيز مرتفعة من الكحول قد تصل الى حد الايثانول النقي تقريبا. وقد أوجدت عملية التقطير هذه مشروبات كحولية قوية مثل الويسكي، والجن، والفودكا وغيرها.
مجموعة الباربيتيوريت (Barbiturates)
هذه الأدوية مشتقة من حمض الباربيتيوريك (Barbituric Acid) الذي تم تصنيعه عام 1862م أكتشفها ألفرد باير (A. Bayer) ويقال بأن هذه التسمية جاءت تيمنا باسم القديسة باربارا (Saint Barbara)، حيث تم تحضير هذه الحمض فى عيد ميلادها فى 4 / 9 / 1862 م.وأول ما عزل من هذا الحمض هو الباربيتون (Barbitone) ودخل فى الاستخدام السريري عام 1903م، وبعد تسع سنوات تم تكوين فينوباربيتون (Phenobarbitone)، وتوالت بعد ذلك المئات من هذه المجموعة. ويرى أهل الاختصاص أن الباربيتيوريت تمثل خطراً حقيقياً فى عالم المواد النفسية، لكنها استمرت فترة طويلة لا تستثير من الأهتمام ما يكفى للإقلال من أخطارها ان لم يكن لتحاشيها. ويستشهدون على ذلك بأن هناك مقالاً نشره الدكتور ولكوكس (Dr. Willcox) فى عام 1913م عن الأخطار المميتة لدواء الباربيتون الذي بدأ أستعماله سريريا عام 1903م، ولكن أحداً لم يلتفت إليه إلا فى الخمسينات عندما نشرت مجلة لانست (Lancent) المشهورة فى أفتتاحيتها بأن الباربيتيوريت مواد نفسية، لها القدرة على إحداث أدمان حقيقي، وان إستعمالها ينطوي على مخاطر لا تلقى من الحذر ما تستحقه، و فى الوقت نفسه نشرت “المجلة الطبية البريطانية” فى الإفتتاحية بأن الباربيتيوريت تحتوي على كل خصائص المواد المحدثة للإدمان.
القات
القات شجرة دائمة الخضرة يصل أرتفاعها إلى حوالي سبعة أمتار ولكن السكان يقلمون أغصانها لتظل قليلة الأرتفاع ليسهل عليهم قطف أوراقها الخضراء الداكنة، وشجرة القات لا بذور لها ولا زهر ولا ثمر. تنمو على سطح مرتفعات بعض المناطق مثل أثيوبيا واليمن وكينيا وأوغندة وزائير وتنزانيا، وغيرها ،الا إنها توجد بكثرة فى اليمن وشرق أفريقيا وبخاصة أثيوبيا والصومال.
ومن الصعب تحديد سبب تسمية القات بهذا الأسم، إلا أن هناك رأي يشير إلى أن كلمتي القات والقهوة مأخوذتان من الكلمة (قهفا) وهي أسم مدينة فى الحبشة، وجمع القات والقهوة معاً لان كلاً النبتتين تحتاجان إلى ظروف مناخية متشابهة، إلا إن شجرة القات أكثر ربحاً إضافة إلى أنها لا تحتاج إلى رعاية فى الزراعة، كما أنها تعطي ثمارها بعد (3) سنوات ثم تستمر فى إعطاء الثمار طوال السنة. أما شجرة البن فتحتاج إلى رعاية زراعية، وتعطي ثمارها بعد (6) سنوات، فضلاً عما تحتاجه من تكلفة فى الحصاد وتعرية الثمار.
والجزء المستخدم من النبتة هو الأوراق – واسم النبتة هو (Catha Edulis Forsk) ذات رائحة عطرية مميزة، وذات مذاق عطري حلو وقابض ، وتظل الأوراق طازجة لمدة تقرب من أربعة أيام ثم تتحول من اللون الأخضر إلى الأصفر حيث تفقد قدراً من فاعليتها. وأول ما أسماها بأسمها العلمي ووصفها وصفاً دقيقاً هو العالم السويدي بير فورسكال (Per Forsskal) الذي توفى فى اليمن سنة 1763م.
التبغ أو الدخان (الطباق)
يقال بأن كلمة تبغ مشتقة من كلمة تباغو وهي أسم جزيرة من جزر أنتيل فى المكسيك فى أمريكا الشمالية. وقيل أنه عندما وصل المستكشفون الأوروبيون إلى الأراضي الأمريكية (عدا المناطق الشمالية حيث موطن الأسكيمو أو النهاية الجنوبية) وجدوا المستوطنين هناك يستعملون التبغ بشتى الطرق، فقد لاحظ رجال كولومبوس الذين وصلوا إلى كوبا عام 1492م الناس هناك من رجال ونساء يستنشقون الدخان من لفائف يصنعونها من أوراق التبغ على شكل مخروطي وكانوا يطلقون على هذه اللفائف أسم توباكوس (Tobacos) وهي الشكل الأبتدائي للسيجارة المعروفة حالياً والنبات الذي تصنع منه هذه اللفائف هو نبات النيكوتيانه التبغية (NicotianaTabacum)، فى حين أن المستكشفون البريطانيون والفرنسيون والأسبان الذين غزوا الجزء الشرقي من أمريكا الشماليةوجدوا الأهالي هناك يدخنون التبغ بأداة الغليون – البايب (Pipe)، والنبات الذين يدخنونه هو نبات نيكوتيانه رستيكا (NicotinaRustica)، وتعرف عليها سفير أسبانيا فى البرتغال جان نيكوت (Jean Nicot) عام 1530م، وزرعها فى حديقته وأستعمل أوراقها فى معالجة الألم النصفى من الرأس (الشقيقة)، وأرسلها كذلك الى ملكة فرنسا آنذاك كاترين دو ميديسس (Catherin de Medicis) لعلاج الشقيقة الذي أصابها فوجدت فيه علاجاً مناسباً، وكان يستخدم بشكل منقوع عن طريق الفم أو بشكل تحاميل شرجية وأدى هذا الأستخدام إلى كثير من الوفيات لم يستطع أحد أن يفسرها فى ذلك الحين. وعند فصل المادة الفعالة فى التبغ أطلق عليها نيكوتين نسبة إلى السفير الفرنسي فى البرتغال جان نيكوت.
المراجع:
( مرجع رقم 1 )
( مرجع رقم 2 )
( مرجع رقم 3 )
( مرجع رقم 4 )
( مرجع رقم 5 )