تجربتي مع الفودو

كيف بدأت تجربتي مع إدمان الفودو

بدأت تجربتي مع الفودو للهروب من المشاكل الأسرية والخلافات التي أثرت على نفسيتي، فأنا أبلغ من العمر 19 عام ولم يكن المنزل بالنسبة لي البيئة المستقرة للعيش به، كان المكوث به أمر مؤرق للغاية بفضل النزاعات الأسرية بين والدي ووالدتي، خاصة بعد سفر أخي وزواج أختي أصبحت وحيدًا في المنزل بين تلك الصراعات كما أنني لم أكن أخضع لرقابة أبوية أو حتى أي اهتمام من والداي، وهو ما جعلني أبحث عن سكن خارجي للعيش بمفردي، فأسرتي ميسورة الحال ولم يكن هناك مانع للقيام بذلك، فلدي نفقتي الخاصة كما أن أسرتي لم ترفض هذا الأمر.

بعدما تمكنت من العيش بمفردي أصبحت لا أكترث بشيء سوى سهراتي مع أصدقائي وكيفية الحصول على المتعة والرفاهية، كنت أقضي كل ليلة في الملاهي الليلية ثم استكمل السهرة في منزلي برفقة أصدقائي ممن هم على شاكلتي مرفهين ولا يخضعون لرقابة من الأهل، كنا نقوم بإحضار أنواع مختلفة من المخدرات ويجلس كل منا ليتعاطى المخدر الخاص به، وبعد قيامي بتجربة أنواع مختلفة استقر بي الأمر لتعاطي مخدر الفودو الذي منحني شعور رائع للغاية فبعد تدخين سيجارة منه أدخل في حالة من النشوة والسعادة والاسترخاء الشديد، وتنتابني الهلاوس السمعية والبصرية، كما أشعر باللامبالاة وأدخل في حالة من الانفصال عن الواقع وعدم إدراك الزمان أو المكان، والآن يمكنني أن أقول أنا مدمن فودو ولم أتمكن من العيش بدونه.

كيف أثر الفودو على حياتي وجعلني منبوذًا من المجتمع؟

أصبحت مدمنًا على الفودو أتعاطاه كل يوم، ولم تعد الجرعة السابقة كافية لوصولي لنفس التأثير فأصبحت أتعاطى جرعات أكبر مما أثر على جسدي ونفسيتي وسلوكي، حيث أصابني فقدان الشهية وارتفاع في درجة حرارة جسمي وهو ما ينتج عنه تعرق مفرط، وأصبحت أعاني من تشنجات عضلية وارتعاش في الأطراف واضطراب في التوازن وضعف التنسيق الحركي، وصعوبة في التحدث والتلعثم في الكلام، كما أصابتني بعض المشاكل في القلب منها عدم انتظام ضربات القلب، وكنت أرغب في العزلة وأصابني السلوك العدواني والعنف والهياج الشديد خاصة مع اقتراب موعد الجرعة، كما كنت أعاني من هلاوس سمعية وبصرية مخيفة كنت أتوهم أن الأشخاص المحيطين بي يريدون قتلي أو إيذائي فكنت أشعر بالخوف والهلع وأقوم بتصرفات عدوانية غير مبررة، ولذلك كان البعض يظنني مجنونًا أو فاقدًا للأهلية من هول تصرفاتي.

لقد انتابني الخوف والذعر والقلق والاكتئاب الحاد وعدم القدرة على التفكير أو اتخاذ أي قرارات بعد سيطرة المخدر على عقلي، وهو ما تسبب في ضعف قدراتي العقلية والإدراكية، كما كان يبتعد عني الآخرين وهو ما زاد في بعدي وعزلتي عنهم، وكانت حالتي تزداد سوءًا يومًا تلو الآخر، وبعدما حتى أنني لم أعد أزور أهلي أو حتى أرد على مكالماتهم،مما دفعهم لزيارتي في مسكني فوجدوني في حالة يرثى لها كنت أشبه المشردين بالشوارع وملقيًا على الأرض في ثياب رثة وبغرفة متسخة وجميع الأغراض ملقية على الأرض أتفوه بكلمات غير مفهومة وأنا تحت تأثير المخدر.

قام والدي ووالدتي بنقلي لمسكنهم ومنع عني والدي أي زيارات أو اتصالات هاتفية من أصدقائي، وقام بنهري مرارً وتكرارً، كان يظن أن منعي عن المخدر ومدمنين الفودو والمخدرات هو الحل الأمثل للعلاج من الإدمان ولكن الأمر خرج عن سيطرتهم، فأصبحت أعاني من أعراض انسحابية مزعجة ومؤلمة فدخلت في حالة من الهياج العصبي بسبب الرغبة الشديدة في التعاطي وأصبحت أكسر في أثاث الغرفة وأصابتني بعض الهلاوس وألام جسدية قوية وصداع شديد، مما جعلني أصرخ من هول الأمر، وهو ما جعل والدي يدرك أن الأمر أكبر بكثير ويحتاج إلى مساعدة طبية عاجلة، فقام والدي باصطحابي إلى مستشفى دار الهضبة التخصصي لعلاج الإدمان والاضطرابات النفسية الناتجة عن التعاطي.

وبالفعل خضعت لبرنامج علاجي مكثف يشمل علاج جميع التأثيرات النفسية والجسدية لتعاطي الفودو، وبعد استكمال جميع مراحل العلاج استعدت كامل صحتي واستعادت دماغي التوازن الطبيعي لكيمياء المخ وتحسنت قدراتي العقلية والإدراكية وبمرور الوقت تحسنت حالتي النفسية واستطعت أن استكمل حياتي بشكل طبيعي بعدما تعلمت استراتيجيات جديدة لمواجهة التحديات اليومية وتعلمت كيف أندمج بين أفراد المجتمع مرة أخرى دون التعرض للانتكاس.

ماذا بعد التعافي من الإدمان؟

بعد الخروج من رحلة التعافي بأمان فأنت بحاجة للعيش في بيئة آمنة ومستقرة وبعيدة كل البعد عن المحفزات، كذلك يجب اتباع نظام غذائي صحي والنوم لفترات كافية وتجنب السهر والقيام بأنشطة رياضية يومية، وقد تحتاج إلى الالتزام بتناول بعض الأدوية لفترات مؤقتة لحين انتهاء جميع الأعراض النفسية الناتجة عن الإدمان التي قد يظل بعضها حتى بعد التعافي، وهناك بعض الأمور التي يجب أن تبتعد عنها مثل:

• الأشخاص والأصدقاء الذين يساعدونك على الإدمان.
• النزاعات الأسرية القوية والتي تجعل المراهقين والصغار يلجأون لحلول خطيرة للهرب من المشاعر السلبية التي تؤثر على استقرارهم النفسي.
• غياب الرقابة الأبوية وهي من أكبر محفزات الإدمان.
• العزلة والبقاء متفرغًا لفترات طويلة.
• عدم القيام بأي ممارسات مهنية أو أنشطة اجتماعية مفيدة.
• العيش في بيئة يشيع بها تداول وتعاطي المخدرات.

الخلاصة

تجربتي مع الفودو كانت رحلة من الكفاح والألم التي انتهت بالخروج من الظلام الدامس إلى النور، فالفودو من أسوأ المخدرات الصناعية التي يدخل في تركيبها بعض المواد الكيميائية الخطيرة والمدمرة للجهاز العصبي المركزي، كما أنها تسبب الفشل الكلوي والفشل الكبدي ومن ثم الموت المحتم، لذا عليك أن تبتعد عنها وتأخذ العظة والأمل من تجربتي، ويمكنك الاستعانة بمستشفى الهضبة وتتلقى العلاج هناك لتجد الاهتمام والرعاية والخدمات التي ليس لها مثيل، فقط تواصل معهم على الرقم التالي في أي وقت 01154333341.

[writer name=”للكاتبة/ د. مروة سلامة”]